رغم لقاء عباس غانتس

شينخوا: الهوة لا تزال واسعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لإحياء عملية السلام المتعثرة

تابعنا على:   11:31 2021-12-30

أمد/ رام الله - شينخوا: على الرغم من التغيرات السياسية التي شهدتها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية خلال العام الماضي، إلا أنها لم ترق إلى تحقيق اختراق جدي لإحياء عملية السلام واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين والمتوقفة منذ سنوات عديدة. 

وباستثناء محادثات ركزت على الشأنين الأمني والاقتصادي ظل الجمود على العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو السائد وسط غياب أفق جدية، لحل الصراع الممتد منذ عقود بينهما. 

ويرى مراقبون، أن الهوة لا تزال واسعة بشأن توقعات تحقيق اختراق في العام المقبل لإحياء عملية السلام المتعثرة في وقت تتصاعد فيه التحذيرات بشأن مصير حل الدولتين المدعوم دوليًا، والتحذيرات الفلسطينية من اللجوء إلى خيارات بديلة. 

تغييرات لافتة في إسرائيل 

شهد العام المنقضي الإطاحة بزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو، من رئاسة الوزراء في يونيو بعد نجاح مجموعة من الأحزاب السياسية في تشكيل ائتلاف حكومي بدون حزب الليكود. 

وشغل نتنياهو منصب رئيس الوزراء لمدة 12 عامًا متتاليًا، غير أن خليفته في المنصب نفتالي بينيت لم يطلق إشارات ملموسة بشأن التفاوض مع الفلسطينيين وتمسك برفض إقامة دولة مستقلة لهم. 

وقبل ذلك تولى جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة في 20 يناير الماضي وهو حدث عول عليه الفلسطينيون إيجابًا لحل قضيتهم بعد التخلص من سلفه دونالد ترامب الذي اتخذ مواقف مناهضة لهم خلال ولايته. 

ورغم استئناف الاتصالات الأمريكية الفلسطينية في عهد بايدن، وإطلاقه تصريحات إيجابية لكن الفلسطينيين اشتكوا من عدم ترجمتها على الأرض بما في ذلك الضغط على إسرائيل لإحياء عملية السلام. 

ويبرز المحلل السياسي من رام الله هاني المصري، أن الإدارة الأمريكية الحالية وعدت أكثر من مرة بإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وكذلك القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية واستئناف دعم إحياء عملية السلام لكنها لم تف بأي من ذلك. 

ويقول المصري إن إدارة بايدن أوحت بأنها يمكن أن تدفع لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وأنها متمسكة بحل الدولتين على حدود عام 1967 وانتهى الأمر بأنها تقول إنها مؤمنة بحل الدولتين، ولكن هذا الحل ليس مطروحا على المدى المباشر وبحاجة إلى جهود تحضيرات كبيرة. 

ويضيف أن معظم وعود الإدارة الأمريكية الحالية الجديدة لم تتحقق واستمرت سياساتها من حيث الجوهر مثلما كانت في عهد الإدارات السابقة، مع محاولة تخفيف الأعباء وبقاء السلطة الفلسطينية خشية من انهيارها من خلال حث إسرائيل على بعض التسهيلات التي يجب أن تقدمها للسلطة. 

ويرى المصري، أن أي رهان على الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس جو بايدن هو رهان خاطئ "لأنه معروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل وفي ظل حالة التوهان الفلسطينية، من خلال استمرار الانقسام الداخلي وتعمقه أكثر وأكثر". 

تغييب المسار السياسي 

بادرت إسرائيل والسلطة الفلسطينية إلى عقد لقاءات رفيعة المستوى بعد انقطاع لسنوات خلال العام المنقضي لكن في غياب المسار السياسي، والاكتفاء بالتعاون الأمني والعلاقة الاقتصادية. 

ويعتبر المحلل السياسي من رام الله خليل شاهين، أن التركيز على القضايا المعيشية للفلسطينيين يأتي في ظل انغلاق أية إمكانية لإطلاق عملية تفاوضية والسياسات الإسرائيلية التي تتعمق أكثر فأكثر في الاستيطان ورفضها للمفاوضات. 

ويقول شاهين، إن الموقف الأمريكي منذ بداية عهد بايدن لا يشجع على فتح أفق لعملية السلام "كونه يتماشى مع الحكومة الإسرائيلية بالإحجام عن طرح أية خطة سياسية لاستئناف المفاوضات". 

ويضيف أن "الأمر السائد فلسطينيًا سيكون باستمرار السلطة الفلسطينية بالتمسك بسياسة البقاء على قيد الحياة من خلال تخفيف الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تعانيها ورغم أن الآمال بعام مالي أفضل العام القادم هي أعلى، ولكن لن تكون قادرة على حل الأزمة المالية". 

ويعتقد شاهين، أنه في ظل الوضع الاقليمي والدولي الحالي ستسعى السلطة الفلسطينية إلى إبقاء العلاقة مع إسرائيل كما هي دون أي تغيرات لاسيما الاقتصادية والأمنية لما لذلك من أهمية للحفاظ على استقرار السلطة الفلسطينية. 

وعليه يتوقع شاهين الاستمرار على مستوى التنسيق الفلسطيني الإسرائيلي لتحسين شروط الحياة خلال العام المقبل مع تسهيلات تسعى إسرائيل لإعطائها للسلطة الفلسطينية لدعم استمرارها. 

تهديد فلسطيني بخيارات بديلة 

أمام استمرار تعثر عملية السلام، هدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، باللجوء إلى خيارات بديلة عن حل الدولتين في الصراع مع إسرائيل. 

وقال عباس إن استمرار رفض إسرائيل لحل الدولتين يفرض علينا الذهاب إلى خيارات أخرى منها العودة للمطالبة بقرار التقسيم لعام 1947، أو الذهاب إلى الدولة الديمقراطية الواحدة على أرض فلسطين التاريخية. 

ويتوقع المحلل السياسي من رام الله غسان الخطيب، استمرار معادلة ضمان بقاء السلطة الفلسطينية واستمرار الأمور على ما هو عليه، أي لا يوجد مفاوضات سياسية ولكن من ناحية ثانية لا يوجد توتر في العلاقة. 

وبشأن الخيارات الفلسطينية البديلة، يستبعد الخطيب اتخاذ القيادة الفلسطينية تغييرات جذرية في السياسة كون أن حيز المناورة بالنسبة لها ضئيل جدا لأن الوضع الإقليمي والدولي لا يسمح بسهولة بإحداث اختراقات. 

ويرى الخطيب أن السلطة الفلسطينية ليس بمقدورها ايجاد بديل عن حل الدولتين مشيرا إلى أن التهديد باللجوء إلى خيارات بديلة هو " أقرب للتمنيات". 

سيطرة اليمين الحاكم في إسرائيل 

يعتقد مراقبون أن تصاعد سيطرة أحزاب اليمين على الحكم في إسرائيل وما يتبناه من مواقف متطرفة ترفض قيام دولة فلسطينية يمثل حجرة عثرة أمام تحقيق اختراق جدي في التفاوض مع الفلسطينيين. 

ويقول الباحث في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي يوئيل جوزنسكي إن الحكومة الإسرائيلية الحالية بعض مكوناتها من اليمين والآخر من اليمين المتطرف ورئيس وزرائها نفتالي بينيت شخصيًا هو من حزب يميني، سيكون من الصعب عليه أن يفعل شيئا ذا مغزى للحل مع الفلسطينيين. 

ويضيف أن الفجوة تبدو عميقة للغاية بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبالتالي لا يوجد تفاؤل حقيقي بتحقيق تقدم ملموس العام المقبل خاصة في ظل بقاء احتمالات التصعيد العسكري بين إسرائيل، والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. 

ويرى جوزنسكي، أن هناك طريقة للمضي قدمًا بأن يتحالف الإسرائيليون والفلسطينيون مع بعض الدول العربية مثل مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ومحاولة بناء حياة أفضل للفلسطينيين في الضفة الغربية، وربما في غزة أيضًا. 

ويشدد على أهمية تحقيق المبادرات الاقتصادية على أساس (اتفاقيات إبراهام) للتطبيع بين إسرائيل ودول عربية، ولكن هذا يجب أن يأتي أولا من الفلسطينيين الذين رفضوا حتى الآن حتى التفاوض على مثل هذه المبادرات، فهم بحاجة إلى تغيير موقفهم أولا للسماح لشيء من هذا القبيل أن يحدث. 

إسرائيل تلوم على الانقسام الفلسطيني 

يعاني الفلسطينيون من انقسام داخلي مستمر منذ منتصف عام 2007 في ظل سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، واقتصار حكم السلطة الفلسطينية على الضفة الغربية. 

وعادة ما تتبني إسرائيل الواقع الفلسطيني كورقة لإبراز عدم وجود شريك فلسطيني موحد من أجل المضي في عملية التفاوض بما في ذلك وجود جهة قادرة على تمثيل الكل الفلسطيني. 

ويقول المحاضر في قسم دراسات الشرق الأوسط والعلوم السياسية في جامعة أرئيل تشين كيرتشر، إن المشاكل الرئيسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا تزال قائمة، ومنها أن المجتمع الفلسطيني منقسم بشدة. 

ويضيف كيرتشر "نحن نتحدث عن مجتمع فلسطيني منقسم جغرافيا وديموغرافيا وسياسيا بالكامل، لديك حماس تسيطر على قطاع غزة ولدينا السلطة الفلسطينية التي تسيطر على أجزاء من الضفة الغربية". 

ويتابع "وفقا لاتفاقيات أوسلو منذ التسعينيات كان من المفترض أن تكون هذه وحدة واحدة (المقصود دولة واحدة)، لكن لسوء الحظ بعد سيطرة حماس على قطاع غزة فإنها تضع يدها وتسيطر على جهازي التعليم والإعلام وتصنع من غزة دولة مختلفة تماما". 

ويرى كيرتشر، أن الولايات المتحدة ليست مهتمة بإيجاد حلول للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين وهي لديها العديد من الصراعات التي تهتم بها. 

ويخلص إلى أن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ليس قضية رئيسية في السياسة الأمريكية، وما نراه هو مجرد عمل شكلي مثل اقتراح إعادة فتح مقر القنصلية الأمريكية للفلسطينيين في القدس والتي تحاول واشنطن من خلاله إظهار ولو رمزيا أنه في المستقبل ربما سيكون جزءا من الدولة الفلسطينية من المنظور الأمريكي. 

لا أفق لانفراجة لعملية السلام مع تصاعد التطبيع 

مع حلول عام جديد، يجمع مراقبون على استبعاد وجود أفق ملموسة لانفراجة لعملية السلام لاسيما مع قيام دول عربية بالتطبيع مع إسرائيل على حساب المزيد من التهميش للقضية الفلسطينية. 

وعززت إسرائيل علاقاتها مع الدول العربية لاسيما الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين في ظل مساعي للتكاتف في مواجهة إيران واستغلال تل أبيب القلق الخليجي من تنامي نفوذ طهران. 

وبهذا الصدد يقول المحلل السياسي من رام الله أحمد رفيق عوض إن العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية في العام القادم لن تكون أفضل حالا من العام الجاري، لأننا نتحدث عن حكومة إسرائيلية تعمل على تقويض حل الدولتين. 

ويرى عوض أن الحكومة الإسرائيلية الحالية التي شكلت في يونيو الماضي ترى أنه لا داعي للذهاب في عملية سلام مع الفلسطينيين ما دامت تحقق ما تريد عبر الاستيلاء على المزيد من أراضي الضفة الغربية بتعميق الاستيطان وتكريس الاحتلال. 

ويضيف أن "العام القادم سيحمل جمودا آخر ومن المستبعد أي تقدم على مسار عملية السلام إلا في حال تغير الواقع كليا من خلال توتر ميداني كبير أو تغير في الائتلاف الحاكم في إسرائيل". 

في الوقت ذاته يحذر عوض من أنه إذا لم يتغير الواقع فإن العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية لن تتحسن بالعكس ستعمل إسرائيل على إحراج السلطة الفلسطينية وإضعافها وإرباكها حتى لا تذهب إلى مطالبات سياسية كثيرة ومحرجة لها. 

أخبار ذات صلة

اخر الأخبار