مخاض ولادة شيرين

تابعنا على:   08:49 2022-05-14

صلاح صبحية

أمد/ عندما اختارت شيرين أبو عاقلة مهنة الصحافة وعملت في الإعلام المرئي مؤمنة بأن رسالة الإعلام والصحافة هي السعي نحو الحقيقة الكاملة .

وعندما خطت خطواتها الأولى وجدت نفسها في خضم انتفاضة الأقصى التي راحت تلاحق أحداثها ساعة بساعة وفي كل انحاء فلسطين ، باذلة كل جهدها لتوثيق الحدث بكل أبعاده الجغرافية والسياسية .

كانت شيرين أبو عاقلة تدرك جيداً أن مهنة الصحافة والإعلام هي مهنة المتاعب ، فكيف إذا كانت هذه المهنة تُمارس في ظل حراب الاحتلال حيث تصبح مهنة الصحافة والإعلام هي مهنة المخاطر ، لذلك آمنت شيرين إنّ أهم مخاطر هذه المهنة هي أن تقضي شهيدة في سبيل الحقيقة التي راحت تكشفها من موقع لآخر على امتداد أرض الوطن ، وتحملت من أجل ذلك اشتباكها مع قوات الاحتلال في العديد من المواقع .

لقد أخلصت شيرين أبو عاقلة في أداء عملها اليومي فدخلت قلوب أبناء شعبها لأنها كانت تغرس في نفوسهم أمل الحرية والانعتاق من جور الاحتلال ، حتى أصبحت مثالاً يحتذى به ، فإذا بفتاة ما زالت في منتصف العقد الثاني من العمر تُفصح لأمها عن مستقبلها -قبل أيام قليلة من رحيل شيرين - بأنها تريد أن تصبح صحفية كما شيرين أبو عاقلة .

لم تحلم شيرين أبو عاقلة أنها ستصبح في لحظة استشهادها أيقونة فلسطين ، وأنها ستُدخِل الحزن إلى قلوبنا جميعاً ، وأنها ستُزف في موكب مهيب من جنين إلى نابلس إلى رام الله إلى القدس لأنها غدت عروس فلسطين لترتقي إلى علياء السماء .

لم تكن شيرين أبو عاقلة تحلم بكل هذا الحبّ ليشيع موكبها الجنائزي من مقر المقاطعة بعد أن أبّنها الرئيس الفلسطيني وحملها على الأكتاف ثلة من جنود الوطن بحضور كل المؤسسات والفعاليات الوطنية ووسط حشد من الجمهور الفلسطيني لم يشهد مثله سوى رحيل القائد الرمز ياسر عرفات .

ما كانت شيرين أبو عاقلة تحلم يوما أن جثمانها الطاهر سيسجى إلى جانب ضريح أبي عمار ، ولأنها كانت سيدة الحقيقة فامتازت بهذا الموكب الجنائزي .

ربما كانت شيرين أبو عاقلة تحس بكل مراحل موكبها الجنائزي الذي احتضنه كل أبناء فلسطين في كل أماكن تواجدهم فشعرت بالراحة الأبدية وهي تحمل معها عملها الوطني إلى علياء السماء .

شيرين أبو عاقلة ابنة القدس فهي من أهل الرباط ، لذلك كانت دائماً في خطوط التماس مع العدو الصهيوني كاشفة جرائمه الوحشية ضد شعبنا لكل دول العالم .

لقد أخافت تقاريرك الإعلامية العدو الصهيوني ، بقدر ما أخاف نعشك الموشح بالعلم الفلسطيني اليوم جنود العدو المدججين بكل أنواع الأسلحة ، وتحول حي الشيخ جراح اليوم إلى ثكنة عسكرية ، لأنهم أرادوا أن يحولوا بين نعشك وبين أبناء شعبك الذين أبوا إلا أن يحملوك على أكتافهم ، فأبيت إلا أن تكوني أيقونة الحقيقة الفلسطينية .

سلام عليك شيرين أبو عاقلة يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعثين من جديد، وأنت تولدين اليوم من جديد ،وأنت التي ستبقين نبراساً لنضالنا الفلسطيني .

لم يكن حلماً يا شيرين كل هذا الذي شهدته فلسطين وكأنه مخاض ولادتك الأبدية لأنك الأيقونة تربعت على عرش الحقية في كبد السماء .

كلمات دلالية

اخر الأخبار