كُلُّهُ لهم في الآخر

تابعنا على:   15:19 2022-08-05

منجد صالح

أمد/ هذا التعبير لم يقله خبيرٌ استراتيجي ولا خبير عسكري أو أمني ولا مُحلل سياسي خبير بالشأن الاسرائيلي.

قالته بعفويّة وبساطة وبراءة شابة صبيّة ليس لها باعٌ ولا ذراعٌ ولا حتى شبر ولا فتر في عالم السياسة ودهاليزها وطرقها الملتوية، تعليقا على خبرٍ كانت تقرأه على "الانستغرام"، ومفاده وفحواه ومقصده ومراده ما يلي: "خبر منقول عن موقع "واي نت" العبري"، يقول "لا فُضّ فوه": " كشف موقع واي نت العبري اليوم الاربعاء عن "موافقة" السلطات الاسرائيليّة على "سفر الفلسطينيين" عبر مطار رامون الدولي، واوضح الموقع انّه سيتم في الواحد والعشرين من الشهر الجاري!!! وتسير أوّل رحلة طيران مُستأجرة للركّاب الفلسطينيين إلى "أنطاليا التركية"...

يعني ستكون الرحلة المُبجّلة المأمولة في "عز دين الصيف"، من مطار رامون الصحراوي ذو الطقس اللاهب!!!

هل نفرح أم نبكي أم نفرح ونبكي في الوقت ذاته، أم نضحك لأنّ "شرّ البليّة ما يُضحك"!!  أم ندفع صدورنا زهوا وحبورا فقد أعطونا "أولاد عمّنا" منفذا، نافذة إلى السماء، نطير منها وننافس الصقور والنسور وربما الغربان، وربما طيور الحجل. ونصدح بالاغاني والاهازيج الشعبية: "يا خضر الاخضر يا نبي داوود تحفظ لي الاسمر أبو عيون السود"، وعندما تسخن أجواء العرس الشعبي نغنّي: " حوبس يا ابو ميّاله حوبس رُد الخيّاله، ومن عادانا لنعاديه وبالنبابيت نشنّع فيه، وكركز يا حليليّا على الشامال وماليّا، حاميها أبو زطّام خيّال المهرة الاصيلة".

يحتدم الجدال والنقاش والاخذ والعطاء و"روح وتعال" حول هذا الموضوع موضع الجدال .. "رامون الصحراوي وما ادراك ما رامون الصحراوي!!!

اذا ظنّ احدٌ أن الاسرائيليين يعملون شيئا اعتباطا وبلا تخطيط فاعتقد ان ظنّه سيذهب ادراج الرياح وسيصبح فقّاعات من الزبد. الاسرائيليّون أو الصهاينة يعملون بخطّة مُحكمة منذ مؤتمر بازل، ويسيرون بخطٍ مزدوج: النهج الصهيوني الاصلي ومفاده: "ارضٌ بلا شعبٍ لشعب بلا ارض"، وتهويد كامل فلسطين من بحرها لنهرها ومن رأس الناقورة حتى أم الرشراش.

والخط الثاني هو خط الضحك على ذقون العالم، النهج السياسي الظاهري الذي يحوي في رحمه الخط الصهيوني التهويدي.

الاسرائيليّون يتعاملون مع الفلسطينيين، وحسب اتفاق اوسلو "كجالية" من ضمن مكوّنات المجتمع الاسرائيلي، مثل الدروز والبدو والارمن والشركس.

يتعاملون معنا "حكم ذاتي محدود"، وهذا هو النص الاصلي والحقيقي في اتفاقيّات أوسلو، ربما اقلّ قليلا من حكم الاكراد الذاتي في العراق، ربما يشبه الحكم الذاتي لاقليم الباسك في شمال اسبانيا، ربما نحن أشبه بمدينتي سبتة ومليلة المغربييتين الخاضعة للحكم الاسباني. حكم ذاتي للسكان دون الارض، منزوع الصلاحيّات السيادية أو الاستقلالية، وبعد ذلك سمّوها ما شئتم: " حكم ذاتي، دولة، امبراطوريّة، مملكة، المهم الجوهر وليس التسمية.

بناء عليه فان ما يُعطونا ايّاه الاسرائيليّون من تحت حراب احتلالهم هي بعض التحسينات الاقتصادية واللفتات الانسانية والتسهيلات الموسمية "ما دمتم اوادم وقاعدين عاقلين!!!".

من هنا جاءت لفتة مطار رامون، "شقفة كيك محشوّة بالسم، لابعاد الفلسطينيين عن مطارهم الاول وقبل قيام دولة اسرائيل، مطار مدينتهم العريقة المرتبطين بها وطنيّا وتاريخيّا وعاطفيا ألا وهي مدينة اللد ومطار اللد.

مطار رامون الصحراوي اختراع صهيوني بامتياز حتى يحرفوا انظار العالم عن سرقتهم لمطار قلنديا، مطار القدس، الذي كان يعمل كمطار فلسطيني حتى احتلال الضفة والقدس عام 1967. وهم يقيمون الان مستوطنة تغتصب مدرج مطار قلنديا.

يُريدون أن "يُشلّحونا" تاريخنا ويصنعوا لنا تاريخا على "قدّ ايديهم"!!!.  

لقد فعلوها كسابقة عندما حاصروا القدس ومنعونا من العبور اليها وعبرها إلى جنوب الضفة الغربية فالمسافة بين رام الله وبيت لحم عبر القدس تأخذ اقلّ من نصف ساعة. اجبرونا أن نقطعها بثلاث ساعات عبر "دفشنا" إلى "وادي النار" لنقطع الجبال والوديان والقفار.

يُريدون صنع وادي نار آخر لنا عبر مطار رامون.

مطارنا هو مطار قلنديا، مطار القدس، ومطارنا قبل قيام اسرائيل مطار اللد، أما مطار رامون فما هو إلا ذرّ رمادٍ في العيون.

كلمات دلالية

اخر الأخبار