رحلة الضياع بطعم الموت!!!

تابعنا على:   21:27 2022-09-25

لواء ركن/ عرابي كلوب

أمد/ فكرة الهجرة هي فكرة قديمة حديثة حيث هاجر أهلنا من فلسطين عام 1948 أثر النكبة المشؤومة التي حلت بهم وتوزعوا في عدة دول عربية من خلال إنشاء مخيمات للاجئين الفلسطينيين، إلا أن القسم القليل منهم هاجر إلى دول أمريكا اللاتينية وأوروبا وهم من استطاع ذلك.

في خمسينات وستينات القرن الماضي هاجر شباب كثر بحثاً عن العمل في دول الخليج العربي فمنهم من اختبأ في خزان صهاريج المياه ليصل إلى العراق ومن ثم إلى الكويت في شمس حارقة ودرجة حرارة مرتفعة جداً ومنهم من كان يذهب سيراً على الأقدام بواسطة الأدلاء، وبعد هزيمة حزيران عام 1967م هاجر الآلاف من الشباب الفلسطيني من غزة والضفة الغربية بحثاً عن العمل والأمن والأمان متجهين إلى كندا واستراليا وألمانيا.

إلا أن ما حصل خلال السنوات الماضية من حصار لقطاع غزة كان سببه الاحتلال الإسرائيلي وشنه الحرب تلو الأخرى ساعد كثيراً هؤلاء الشباب في التفكير بالهجرة بطريقة غير شرعية وذلك بعد تفشي البطالة وعدم وجود فرص عمل ولا وجود أفق حقيقي من أجل إنهاء معاناة هؤلاء الشباب أضف إلى ذلك الوضع السياسي المأزوم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني وعدم وجود بصيص أمل في تطبيق المصالحة الوطنية على أرض الواقع وعدم وجود أي ثمرة من ثمرات هذه المصالحة.

هؤلاء الشباب هربوا من جحيم الحرب وضنك الحياة ومن الموت إلى الموت، حيث أن القدر يأتي الإنسان أينما كان وأينما حل ولا مفر من قضاء الله وقدره.

ظاهرة الهجرة غير الشرعية تعتبر من أخطر الظواهر التي تواجه سكان قطاع غزة ومخيمات اللاجئين في سوريا ولبنان وهي جريمة واضحة لم يعُد بالإمكان السكوت عليها وعلى ما ينتظره شبابنا.

أن تنامي الهجرة غير الشرعية وما قد ينتج عنها من كوارث تلحق بهؤلاء الشباب وعائلاتهم لهي بالغة الخطورة وتعتبر جريمة يعاقب عليها من يقوم بتسهيل تلك الهجرة ويشجع عليها هؤلاء الشباب.

وهنا نسأل لماذا الهجرة حيث أنه عندما يشعر الشباب أنهم يعيشون في واقع مؤلم وحزين فسرعان ما يفكرون وينتابهم شعور وطموح بأن يغيروا من هذا الواقع ويقوموا بالبحث عن ما هو أفضل في تصورهم وأحياناً ينجحون في تحقيق ذلك الحلم وأحياناً أخرى يفشلون.

هؤلاء الشباب الذين يفكرون في التخلص من واقعهم المؤلم ويشدون الرحال إلى بلاد الهجرة عليهم أن يفكروا أولاً في حال الفشل بالوصول إلى تحقيق أهدافهم، فإن الموت سيكون مصيرهم في عالم مجهول، حيث إن الوضع مروع وارتياد البحر وأهواله وأمواجه المتلاطمة خطر جداً في مراكب الأحلام أو رحلة ثالوث الموت أو رحلة الضياع.

رحلة الضياع هذه رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر والصعاب وأثناء وجودهم على ظهر المراكب يكونوا هؤلاء الشباب عرضة للبيع والشراء من قبل سماسرة التهريب وكأنهم بضاعة بأيدي هؤلاء المهربين. أن كارثة المركب الأخير الذي كان يقل عدد من الاشخاص من جنسيات بمن فيهم فلسطينيين في رحلة الموت من طرابلس لبنان إلى إيطاليا و في عرض البحر يصارع الأمواج العاتية والذي غرق في البحر لهو دليل على المعاناة التي تحل بهؤلاء الشباب المهاجر وعائلاتهم وبالرغم من غرق العشرات من أبناء شعبنا الفلسطيني في البحر سابقا إلا أنه يوجد المئات بل الالاف من ابناء شعبنا الذين يفكرون بالهجره منتظرين أدوارهم وأقدارهم ضمن مراكب الموت الصغيرة غير مبالين بما حدث لأخوانهم قبل أيام.

نعرف أن الحياة صعبة التي يعيشها هؤلاء الشباب في وطنهم حيث يبحثون عن الأفضل والعيش الكريم والأمل في المستقبل إلا أن هذه الهجرة غير الشرعية تقضي على أحلام الكثير منهم في عرض البحر.

هؤلاء الشباب الذين هاجروا وحاولوا الهرب من الموت لا يعرفون ماذا يخبئ لهم الأقدار ولكن الشيء الجديد الذي لم نألفه أو نعهده هو الموت في أعماق البحار غرقاً.

هذه القضية من أخطر قضايانا الحالية ولابد من إيجاد الحلول المناسبة والناجعة لها حفاظاً على شباب المستقبل.

الرحمة على من غرق في عرض البحر ولم يحقق ما يصبوا إليه.

كلمات دلالية

اخر الأخبار