لوثة المونديال.. التطبيع الذهني.. النفاق

تابعنا على:   12:49 2022-12-06

سليم يونس الزريعي

أمد/ ضمن إحلال حالة من غيبوبة الوعي، لدى المواطن العربي وبشكل خاص الفلسطيني، تجري عملية ما يشبه غسل الدماغ لقطاعات واسعة من الجمهور العربي، عبر اختلاق إنجازات تاريخية وهمية لاستلاب الوعي وجعله يطفو على سطح مشاكله وقضاياه السياسية والمعاشية ليغرق في فضاء وهمي من الإنجازات الكاذبة عبر صناعة أبطال وانتصارات تاريخية ليس لها علاقة بقضايا الإنسان الحقيقية التي تتعلق بحقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتخلص من الهيمنة والنفوذ الأجنبي وتحرير فلسطين وسد الفجوة بين شعوب المنطقة والغرب الاستعماري وأحفاد الأنظمة الفاشية والنازية، وامبراطوريات التخلف التي قبعت على صدر الأمة لقرون.
إن استبدال وزرع وهم الانتصارات الرياضية لأنظمة الريع العربي والتطبيع مع المحتل الصهيوني، التي تعيش على إنتاج الآخرين للخيرات، لأنها أدمنت أن تكون تابعة اقتصاديا للدول التي تدرك معنى وقيمة العمل والإنتاج، فيما تفاخر دول الريع في المنطقة بإمكانياتها الاستهلاكية الهائلة والبذخ في تأسيس بنى تحتية تعزز تبعيتها الاقتصادية والسياسية على حساب الإنتاج الصناعي والزراعي الصناعي وتستورد كل احتياجاتها من رغيف الخبز إلى السلع والأدوات الصناعية المختلفة.
وما يثير السخرية ويكشف كم النفاق أو الجهل لدى البعض ، أن يعتبر زعيم تنظيم إسلامي في غزة (حماس) الذي يقيم في الدوحة مع بعض قيادات حركته ، البنية التحتية لاستضافة كأس العالم إنجازا حضاريا قطريا ومثار فخر عربي وإذا اعتبرنا ذلك منجزا قطريا ـ ، لكن أن يكون فخرا عربيا، فتلك هي التعمية الذهنية، كون هذه البنية التحتية للمونديال صناعة أجنبية بتمويل قطري سيفكك بعضها بعد المونديال، فأي فخر فيها للعرب، كما قال هنية خلال لقائه الوفد الفلسطيني "التطوعي والإعلامي" المشارك في مونديال قطر, إن "الدوحة" فرضت نفسها على العالم خلال السنوات الأخيرة, بفضل قدراتها البشرية والتطور التقني والعمراني".
ليكون السؤال هل ما قاله هنية له علاقة بالصدق ؟ وهل صحيح أن قطر فرضت نفسها على العالم؟ وأي عالم هذا الذي فرضت نفسها عليه وكيف؟ وهل صحيح ما يقوله زعيم حماس من أن هذا الفرض، هو بسبب قدراتها البشرية ؟ لكن أي قدرات بشرية تلك ؟ هل هي في خبرات الإدارة والاستشارات والإعداد والتخطيط والتصميم والإنشاء العمراني ؟ وهل يصدق هنية نفسه؟ أم أن هذه الشهادة رد جميل إلى قطر التي تقدم لتنظيمه الدعم النقدي الشهري مرورا عبر الكيان الصهيوني؟ وهل هي قدرات بشرية أم هي القدرات المالية للمقاول الذي يستطيع أن يشتري بثروته الكثير، ولكن ليس القدرات البشرية العلمية والعملية الشخصية ؟
ويمكن القول إن منطق هنية وهو يضخم قدرات قطر الحضارية كنتاج جهد علمي ذهني وعضلي قطري"هي شهادة مفارقة، أساسها مصلحي، كون ما يقوله هنية عن قطر، ليس له علاقة بالواقع، وإنما يأتي في سياق رغبوي تسديدا لفواتير، قطرية، لأن قطر تفتقد ذلك لأسباب موضوعية أولا وذاتية ثانيا، ذلك أن القول بالقدرات البشرية والتطور التقني والعمراني المتمثل في البنى التحية والتجهيز والإعداد لكأس العالم يفوق قدرات قطر من ناحية الاستشارات والتخطيط والإشراف والتصميم والبناء والتشغيل، التي يمكن القول أن دورها ينحصر في كونها المقاول، وهو دور تعرض لكثير من النقد والاتهام بسبب ما قيل عن شروط العمل غير الإنسانية لليد العاملة، وهي الشروط التي أودت بحياة الكثير من العمال الآسيويين حسب تقارير منظمات دولبة تعني بحقوق الإنسان.
لكن أن يصل الأمر بمسؤول حماس الأول هذا المستوى من النفاق فهو إساءة له ولتنظيمه ولمن يمثل شعبيا وله علاقة، بمستوى حضور قيم النزاهة بمعناها الفكري والأخلاقي، في حديثة، لأن قياس ما قاله بهذا المعيار، يكشف أنه يعاني من عوار بيّن له علاقة بالصدقية، ومعرفة واقع أغلبية الشعوب العربية التي لا تملك ترف مشاهدة المونديال لأساب متعددة، ليكون السؤال تاريخي لمن ؟
لكل ذلك يبدو من الطبيعي أن يكون هنية ضمن جوقة مداحي المونديال وهو المقيم في قطر، وهي الجوقة التي طفت مقولاتها على سطح ما يجري في فلسطين من جرائم الاحتلال، وفي دول عربية أخرى تعيش أزمات معيشية وسياسية خانقة، عبر الترويج للمونديال التي ترى أنه يجب أن يَجُبَّ أخطاء وخطايا وخيانة البعض لقضية الشعب الفلسطيني..حتى بات حديث الفلسطينيين من أحباء قطر أن وجدوها فرصة ليغسلوا وجه قطر الغارق في سياسة التطبيع الناعم... وهم يشاهدون مع سفير قطر العمادي الذي وصل معبر ايريز عن طريق الكيان الصهيوني وصولا إلى غزة مع بداية المونديال حاملا رسالة ضغط على حركتي حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة لمنع التصعيد خلال بطولة كأس العالم المقامة في الدوحة. وحسب قناة ريشت كان العبرية، تمارس قطر ضغوطًا على حركتي حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة لمنع التصعيد خلال بطولة كأس العالم المقامة في الدوحة.
ولأن قطر تريد أن تمر البطولة بسلام. فليشاهد العمادي مع بعض حكام غزة مباريات المونديال.. فيما الخطوط من الكيان إلى الدوحة مفتوحة على مصراعيها، ولتطالب قطر الكيان الامتناع عن أي عمل عسكري ضد غزة، حتى لا يحترق فيلم المونديال والتطبيع الذهني.. لكن في المقابل لا بأس أن يمارس جيشه وقطعان مستوطنيه بشكل غير مسبوق جرائمهم في الضفة الغربية في ظل المونديال، ومع ذلك على الفلسطينيين أن يفخروا به ، وهي الجرائم التي أثارت انتقاد الأمم المتحدة فيما الصهاينة يتجولون في مونديال الدوحة، وزعيم حماس يطالب أهل الضفة أن يفخروا بذلك..!
إن التشويه والتضليل والتغطية على ما يجري في فلسطين بإنجاز المونديال التاريخي برد فضل رفع العلم الفلسطيني في المونديال إلى إمارة قطر ليغطي على جوهر التطبيع الناعم من تحت الطاولة وفوقها ...وإنه لمن المحزن أن يغطي رفع علم. فلسطين..الذي هو تصرف شعبي عفوي ومن متضامنين أجانب، على السلوك القطري الذي ينسج خيوط التطبيع في ظل صمت قوى غزة وعلى رأسها حماس لأنها مستفيدة من هذه العلاقة . لنكون أما مثلث عنوانه .. لوثة المونديال والتطبيع الذهني والنفاق..

اخر الأخبار