الفاشية الصهيونية وتفجير الذات

تابعنا على:   23:00 2022-12-09

عدنان الصباح

أمد/ غريب امر الفاشيين الجدد فهم لم يتعلموا ابدا من كل التاريخ وممن سبقوهم من اصحاب المهنة هذه وحتى اسيادها كموسوليني وفرانكو وهتلر وليس صحيحا ان الفاشية مرتبطة باليمين فقط بل هي نموذج الهيمنة والسيطرة باستخدام القوة أيا كانت الافكار او الاهداف التي يجري السعي لفرضها ما دامت القوة هي الوسيلة الوحيدة التي تستخدم لتطبيقها وهو ما انطبق على كل من استخدم القوة ضد شعبه او ضد الشعوب الاخرى بقناعة ان شعبه هو الاقوى والانقى وبالتالي من حقه تقرير مصير الاخرين وهو ما فعله هتلر وزبانيته بشعوبهم اولا ومن ثم بالشعوب الاخرى واحيانا بالديانات الاخرى وهو ما ظهر واضحا بتعامله مع اصحاب الديانة اليهودية والذين يحاول ابنائها اليوم الانتقام لما فعلته النازية بتكرار نفس الفعلة مع الشعب الفلسطيني وان بطريقة طويلة الامد وعلى مهل لكي لا تبدو بنفس الوحشية الهتلرية.

صحيح ان النازية قتلت من اليهود بأبشع الطرق ستة ملايين من ابناء البشرية بوحشية لم يعرف التاريخ مثيلا لها وان جيش الاحتلال بالدولة الصهيونية يقتل الفلسطينيين بالتقسيط وبعد تقديم اسباب للقتل ويسجنهم بمحاكم واجراءات تبدو قانونية ويستخدم في سبيل ذلك قوانين الاستعمار البريطاني بعد تجميلها ان احتاجت وهو لا يطبق عقوبة الاعدام الرسمية ولا تعمل بها محاكمهم ولكنهم يقتلون ببساطة كل فلسطيني يسعى لمقاومة الاحتلال باي شكل من الاشكال بما في ذلك الاشكال السلمية حتى وهم يصيبون العديد بإعاقات ويطبقون العقوبات الجماعية بالنفي والتهجير وهدم البيوت ومصادرة الاراضي والمنازل ويضفون على كل فعل شكلا واطارا قانونيا اعتباطا لكي يقدموا دولتهم على انها دولة قانون ديمقراطية تحتكم الى القانون والاجراءات القضائية وتلتزم بأحكام قضائها.

لا علاقة ابدا للفاشية بالديكتاتورية الفردية فهناك ايضا ديكتاتورية جماعية وهي اخطر انواع الديكتاتورية لأنها تشرعن فعلتها بكل اشكال الشرعنة ولا تبدو الصورة الديكتاتورية بوضوح كما هو الحال مع ديكتاتورية الفرد او الفئة والاخطر في ذلك ان التخلص من ديكتاتورية الفرد او الجماعة الصغيرة ممكن بثورة الجموع عليهم لكن التخلص من ديكتاتورية شعب على شعب آخر امر مستحيل الا بحالتين لا ثالث لهما.

الحالة المستبعدة في العصر الحديث ان تتمكن الجموع الثائرة من الشعب المقهور ان تتخلص من الشعب القاهر كليا وهو امر لا يمكن ان يكون واقعيا ولا يمكن لشعب ذاق الويلات ان يسقيها حتى لجلاديه والا اصبح مثلهم والحالة الثانية ان تتمكن دولة الاحتلال من تحقيق نصر مؤقت على الشعب الخاضع لها وتسود في اوساطهم حالة سلام مؤقته بعد ان يكونوا قد غرقوا في فاشيتهم واصبحوا على صورتها ولا يمكنهم التخلص منها ليجدوا انفسهم وقد انتقلوا الى فاشيات داخلية وقد افضت الى صراع بين مدني عسكري أو الشرقي ضد الغربي اليميني ضد اليساري والغني ضد الفقير وهكذا الى ان تدمرهم فاشيتهم وتقضي على وحدتهم التي حصلوا عليها بهذه الفاشية.

الفاشية لا حدود لها وحين يتعلم الجندي في الحرب اصولها لسنوات سيعود بها الى حياته اليومية وينتقل بها الى بيته وحية وقريته وعمله ومواقفه وحين لا يجد عدوا قوميا يحاربه سيجد في جاره عدوا محتملا والان ينتقل جنرالات جيش الاحتلال من مناصبهم في الجيش الى مكاتبهم في شركات امن تعمل على مستوى العالم لكنها حتما ستجد ضرورة للعمل في الداخل يوما بعد يوم وستنتقل الى اصحابها بعد ان تجوب العالم قتلا وتدميرا واثارة تحت شعارات الامن والحماية كما تفعل شركات الامن الاسرائيلية اليوم في العديد من دول العالم مستغلى خبرتها وتجاربها على اخضاع الشعب الفلسطيني لتحولها الى سلع مختلفة للبيع هنا وهناك وعلى دولة الاحتلال ان تعلم ان بعض العاملين بأجهزتها يهربون السلاح بأنفسهم للمقاومة الفلسطينية طمعا بالمال فما دام الجندي يرى في قائده المثل الاعلى تاجرا محترما ببيع القتل فهو سيبرر لنفسه تجارة بيع الرصاص وليس يعنيه لمن يبيع فحين يبيع الجنرال سلاحا لأحمد المغربي او الاماراتي فلماذا لا يبيع الجندي رصاصا لمحمود الفلسطيني.

صحيح ان الشعب الفلسطيني سيدفع ثمنا غاليا جراء الفاشية الصهيونية المتصاعدة اكثر فاكثر وما دام الاحتلال موجود والشعب الفلسطيني يقاوم فان الفاشية ستتعمق اكثر فاكثر حد الانفجار بأصحابها انفسهم وما قتل رئيس الوزراء رابين الا الشرارة الاولى التي لم توقظ اصحابها وما يجري اليوم من تحريض وتحريض مضاد بين اطراف الحركة الصهيونية الا الاشكال الجنينية لهذه الفاشية الذاتية المفرطة حد اغتيال الذات بيد الذات غدا.

على الصهيونيين الفاشيين ان يتذكروا جيدا تاريخ اليعاقبة في انجلترا والتي اعتبرت الاب الروحي للفاشية الحديثة حسب راي جورج فالويس مؤسس اول حزب فاشي غير ايطالي كما ان المؤرخ جورج موسيه اعتبر الفاشية نتيجة الوحشية بين المجتمعات فالفاشية التي بدأها اليعاقبة انتهت بتدمير انفسهم بأنفسهم بعد ان اصبح وجودهم لا معنى له وتماما كما افضى الرايخ الاول الى الرايخ الثاني والى رايخ هتلر الذي مات منتحرا حين انتهت افكاره وطموحاته المجنونة فان ما اضاع اليهود وجعلهم مشتتين بالأرض قناعتهم المطلقة بانهم الانقى والافضل وانهم وحدهم شعب الله والاخرين خدم وهو ا يظهر اليوم بالنزعات القومية الدينية لدى اليهود وابرزها دعوتهم العلنية بيهودية الدولة وعلى الاغيار أيا كانوا ان يقبلوا بذلك وهذا يعني انهم يسعون للعودة الى مربعات تدمير الذات بالذات من جديد.

كلمات دلالية

اخر الأخبار