تقرير: التحديات الحقيقية أمام حكومة نتنياهو ..وكيف ستتعامل واشنطن معها؟

تابعنا على:   23:00 2022-12-22

أمد/ القاهرة – تقرير خاص: ما أن انتهت الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة حتى بدأ حزب الليكود المعارض بقيادة رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو في خوض معركة الائتلافات لتشكيل حكومة جديدة في مساع لإنقاذ نفسه من براثن قضايا الفساد التي ما زالت تطارده حتى أعلن قبل ربع ساعة من انتهاء  المهلة القانونية بتمكنه من الاتفاق مع بعض الأحزاب لتشكيل حكومة يمينية متطرفة.

حكومة نتنياهو الجديدة والتي ضمت في تشكيلها أسماء دينية متطرفة طرقت ناقوس الخطر في المجتمع الإسرائيلي وأثارت حالة من القلق دوليا حول مصير معظم القضايا الفلسطينية والدولية والتي قد يكون مصيرها الانهيار بعد تولي أمثال ايتمار بن غفير وسموريتش مناصب حساسة في الحكومة.

الإعلام العبري والدولي تطرق في تقارير مفصلة للآثار والمخاوف المترتبة على تولي متطرفي الحكومة للمناصب الأمنية والعسكرية والتي اعتبرها البعض ضوء أخضرا في انهيار الدولة من وجهة نظرهم وتحول إسرائيل في الأيام القادمة لساحة من المعارك ونزيف دماء مستمر.

التحديات الداخلية

فقد كشفت وسائل إعلام عبرية مساء الخميس، عن التحدي الحقيقي الأول للحكومة الإسرائيلية المقبلة برئاسة، رئيس الوزراء المكلف بنيامين نتنياهو .

ووفقاً لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، "فإن التحدي الحقيقي الأول لحكومة نتنياهو - بن غفير سيكون في الحرم القدس ي في أبريل 2023، عندما يتزامن رمضان مع الأعياد اليهودية، حيث سيكون هذا أول حدث أمني حساس يديره بن غفير".

وقالت هيئة البث العبرية "مكان"، صباح الخميس إنه "غداة اعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو نجاحه في تشكيل الحكومة الجديدة، ُعلم أن حزبي الليكود والقوة اليهودية وقعا اتفاقا ائتلافيا".

وأضافت الهيئة، أنه "ووفقا لهذا الاتفاق سيتبوأ النائب ايتمار بن غفير منصب القائم بأعمال رئيس اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، بالإضافة الى تعيينه وزيرا للأمن الوطني".

كما تم الاتفاق على سلسلة مبادئ وقوانين تسمح بدعم جنود وشرطيين دعما كاملا واعادة الحكومة وتطوير النقب والجليل ودفع الهوية اليهودية في إسرائيل إلى الأمام وادخال اصلاحات على الجهاز القضائي، بحسب الهيئة.

بدوره حذر تقرير صادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، الأسبوع الحالي، من الضرر الذي سيلحق بإسرائيل بسبب السياسة التي يتوقع أن تنتهجها الحكومة الجديدة، برئاسة بنيامين نتنياهو، ودخولها على إثر ذلك إلى صدام مع إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن.

التحديات الخارجية

كيف ستتعامل واشنطن مع حكومة نتنياهو اليمينية المرتقبة؟

أفادت مجلة "بوليتيكو" الأميركية، الثلاثاء، بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تتجه لتحميل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسؤولية كافة أعمال الحكومة اليمنية المتطرفة المرتقبة والمناهضة للفلسطينيين.

وقال مسؤولان أميركيان مطلعان على الأمر لـ"بوليتيكو"، إن إدارة بايدن ستعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي المقبل "مسؤولاً بشكل شخصي عن أعمال جميع أعضاء حكومته الأكثر تطرفاً، خاصة في حال أدت إلى سياسات تعرض الدولة الفلسطينية المستقبلية للخطر".

وأوضح المسؤولان أن نتنياهو سيكون هو الشخص الذي "سيلجأ إليه المسؤولون الأميركيون علناً، ويرجعون إليه، ويعتمدون عليه" في أي محادثات جادة تتعلق بقضايا تتراوح من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية إلى علاقات تل أبيب مع الدول العربية، خاصة بعد أن أكد نتنياهو قدرته على "إدارة الأوضاع".

وأشارت "بوليتيكو" إلى أن مقاربة فريق بايدن تبرز "التعقيد والهشاشة المتزايدة" في العلاقات الأميركية الإسرائيلية، لكن مساعدو الرئيس الأميركي قالوا إن المحافظة على قوة العلاقات الأميركية مع إسرائيل تجعلهم بحاجة إلى "الحد من تجاوزات اليمين المتطرف"، والنظر إلى نتنياهو باعتباره "أفضل وسيلة" لممارسة هذا التأثير.

وذكر مسؤولان أميركيان أن لدى واشنطن "خيارات عملية"، وأن نتنياهو يمكن أن يتوقع أكثر بكثير من مجرد "تصريحات إخبارية شديدة اللهجة" من قبل وزارة الخارجية الأميركية.

وسبق أن شدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمام منظمة "جي ستريت" اليهودية اليسارية على أن التزام بلاده تجاه أمن وسلامة إسرائيل لا يزال "قوياً وصارماً"، وأن الولايات المتحدة تحترم "الاختيار الديمقراطي للشعب الإسرائيلي".

ولكن حقيقة اختيار بلينكن التحدث إلى "جي ستريت" التي لا تنال تقدير العديد من اليمينيين الموالين لإسرائيل، يمثل في ذاته "إشارة لمخاوف الإدارة الأميركية من الحكومة المقبلة"، والتي ألمح بلينكين إلى بعض منها، وفقاً لـ"بوليتيكو".

وقال بلينكن إن واشنطن "ستقيّم الحكومة (الإسرائيلية) وفقاً للسياسات التي تنتهجها، وليس بشخصيات أفرادها".

وقال مسؤول أميركي لـ"بوليتيكو" عن الاجتماع إن "الجميع بغير استثناء يتفهمون أن هؤلاء الأشخاص يختلفون بالأساس حتى عن الحكومات الإسرائيلية اليمينية السابقة".

ويتمثل أحد أهم لأسباب التي تدفع بنتنياهو إلى العمل على رأس هذه المنظومة في أنه يواجه لائحة اتهام تضم سلسلة من تهم الفساد التي ينكرها، ومن الممكن أن يتخذ حلفاؤه اليمينيون المتطرفون خطوات تشريعية لمساعدته على الصعيد القانوني.

وقال مسؤول أميركي أخر إن "ما يهم هو نتنياهو .. رئيس الوزراء"، مشدداً على أنه "عندما يتعلق الأمر بتسليط الضوء على اليمينيين الأكثر تطرفاً، فإن الناس يرتكبون خطأ استراتيجياً بوضع جميع هؤلاء الأشخاص في سلة واحدة".

ويتشكك بعض المحللين في حقيقة أن الضغط على نتنياهو سيؤدي إلى سياسات تعزز الأهداف الأميركية في إسرائيل، مشيرين إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي المقبل، "سيجد على الأرجح طرقاً لاستخدام السياسيين اليمينيين المتطرفين لتعزيز أهدافه السياسية الخاصة".

المسؤول الأميركي الثاني أشار إلى أن نتنياهو "سيحتاج إلى الدعم الأميركي لإنجاز بعض الأولويات، ما قد يقدم مواضع نفوذ للأميركيين".

كبح جماح إيران

ويريد نتنياهو كبح جماح الحكومة الإيرانية التي هددت بتدمير إسرائيل، وتمثل عدواً للولايات المتحدة أيضاً.

وفي حين ستكون تفاصيل خطة نتنياهو تجاه إيران بالغة الأهمية، خاصة إذا كانت تتضمن تدمير البرنامج النووي الإيراني، إلا أن رئيس الحكومة الإسرائيلية المقبلة قد يحتاج مع ذلك إلى المساندة الأميركية.

وقال المسؤول الأميركي الثاني إن "نتنياهو يريد مجموعة من الأشياء من الولايات المتحدة"، مشيراً إلى أن الأمر أشبه بطريق ثنائي الاتجاه، سنعمل معه على الأشياء التي يهتم بها، وسيعمل معنا على الأشياء التي نحرص عليها".

وكان نتنياهو قد عارض الاتفاق النووي مع إيران الذي تم التفاوض بشأنه في عهد الرئيس باراك أوباما، وانسحب منه الرئيس دونالد ترمب عام 2018.

وبرغم مساعي بايدن لإحياء هذا الاتفاق الذي يقوض البرنامج النووي الإيراني في مقابل تخفيف العقوبات، إلا أنه قد "مات فعلياً"، وفقاً لـ "بوليتيكو".

وجاء في التقرير أن "على الحكومة الجديدة في إسرائيل أن تأخذ بالحسبان أن مواجهة مع الإدارة ستلحق ضررا بقدرتها على إجراء حوار إستراتيجي معها، في هذه الفترة المتخمة بالتطورات في الحلبتين العالمية والإقليمية، وبضمن ذلك مواجهة إيران، تصاعد المنافسة مع الصين في الشرق الأوسط أيضا واستمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا".

وبما أن الموضوع الإيراني هو الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل بشكل عام، وسيستمر نتنياهو في استغلاله في إطار علاقاته الدولية، أشار التقرير إلى أنه "حتى لو أن الإدارة مقتنعة بأن الدبلوماسية هي الطريق المفضلة من أجل منع إيران من حيازة سلاح نووي، فإن تقدم إيراني كبير في جمع قدرات لتخصيب اليورانيوم سيتطلب من الإدارة بلورة خطة بديلة لتعزيز الردع ضدها، وهذه خطوة تلزم إسرائيل بمحاولة التأثير على الإدارة في بيئة ’خالية من الجعجعة’".

ولفت التقرير إلى أهمية المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة وتأثيرها على مواقف إدارة بايدن. لكن "إثر التراجع الذي بالإمكان ملاحظته في دعمها لإسرائيل، ثمة أهمية لتعزيز العلاقة مع المنظمات اليهودية المختلفة والامتناع عن خطوات من شأنها إثارة معارضة هذه المنظمات". وتراجعت علاقات إسرائيل مع المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، بسبب مواقف الحريديين تجاه اليهود غير الأرثوذكسي الذي يشكلون الغالبية الساحقة من الأميركيين اليهود.

وبحسب التقرير، فإن "أهمية إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة نابعة من كونها أيضا الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، ومن شأن خطوات في إسرائيل ستعتبر في الولايات المتحدة أنها تتناقض مع هذه القيم أن تمس بأساس العلاقات" بين الدولتين.

وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى تصريحات وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال مؤتمر المنظمة الصهيونية الأميركية "جاي ستريت"، أن الإدارة الأميركية ستعارض توسيع المستوطنات في الضفة الغربية باتجاه تنفيذ مخطط الضم والمس بالوضع القائم في المسجد الأقصى.

ووفقا للتقرير، فإن تكرار بلينكن لموقف الولايات المتحدة بهذا الخصوص، هو تعبير عن "قلق بالغ من السياسة المتوقعة للحكومة الجديدة. وحتى لو جرى تنفيذ قسم الخطوات التي تطالب بها أحزاب الائتلاف وتعتبرها ضرورية في سياق الأداء الإسرائيلي في القضية الفلسطينية، فإنه لن يكون بالإمكان الامتناع عن صدام مع الإدارة".

ورغم امتناع بلينكن عن تهديد إسرائيل، "لكن واضح من أقواله أن تجاوز كبير من جانب إسرائيل للوضع القائم، وخاصة دفع خطوات أحادية الجانب، سيؤثر على أداء الإدارة ضد إسرائيل. وقد يتراوح رد الفعل الأميركي بتنديد علني وتراجع حقيقي في الدعم لإسرائيل في المؤسسات الدولية، وبضمنها مجلس الأمن الدولي".

ومن بين التطورات الأميركية الداخلية التي من شأنها التأثير على العلاقات مع إسرائيل، أشار التقرير إلى أن تحولات في صفوف المشرعين من الحزب الديمقراطي، الذين يطالبون بتشديد ردود فعل الإدارة ضد السياسة الإسرائيلية "لدرجة الربط بين المساعدات لإسرائيل وبين سياستها في الموضوع الفلسطيني".

وأضاف التقرير أن للتحولات الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية في الولايات المتحدة، من شأنها أن تسهم في تراجع "الالتزام الأميركي تجاه إسرائيل".

وخلص التقرير إلى أنه "لا خلاف على أن المساعدات الأميركية هي عنصر حاسم في الأمن القومي الإسرائيلي، وأن التحديات السياسية والأمنية التي يتوقع أن تواجهها إسرائيل في الأشهر القريبة تستوجب تنسيقا كاملا مع واشنطن".

اخر الأخبار