
المقاومة وأدواتها في الميزان

أحمد حسني
أمد/ لنتفق بأن المقاوmة بكافة أشكالها حق مشروع كفلته كافة الشرائع الدولية للشعوب التي ترزح تحت الإحتلال، وقد مارسها شعبنا على مدار قرن من الزمان بأشكال متعددة وفقًا لظروف ومعطيات (الزمكان) ومعادلات الربح والخسارة، وقد حققت بعض الشعوب هدفها ونالت استقلالها عبر المقاوmة الشعبية السلمية وأخرى نالت حقوقها عبر ثورات مسلحة ممتدة، وثالثة وصلت لمبتغاها عبر المزج بين عدة أشكال، وفي هذه التجارب كلها كان المعيار الحاكم للطريقة والآداة المستخدمة، هو مدى جدوى وفاعلية تلك الأداة وقدرتها على حماية الناس وتجنيبهم الويلات وردات فعل الإحتلال غير المتكافئة، ومراعاة المتغيرات المحيطة، والحرص على ألا تشكل تلك الأدوات ذرائع إضافية يستخدمها المحتل لتنفيذ المزيد من مخططاته الإجرامية.
وأما وأن معظم السلاااح الهجومي في غزة قد تم تدميره واستنفاذه ولم يتبقَ منه سوى النذر اليسير، وهو ما تؤكده الوقائع اليومية على الأرض، وفي غياب أي عمق استراتيجي يضمن مواصلة القتال، ومع تفكك ما يسمى بمحور المقاوmة وغياب أي إسناد رسمي وشعبي إقليمي ودولي، ومع انهيار معظم البنى التحتية للمقاوmة، ومع كلفة غير مسبوقة وصادمة في الأرواح والممتلكات، يصبح التخلي عن هذا السلاااح حكمة وواقعية تمليها الظروف والمآلات، بل إن مقتل (نتنياهو) يتمثل في نزع هذه الشماعة من يده والتي يتذرع بها باستمرار لإطالة أمد الحرب واستدامة ائتلافه اليميني الحاكم والتهرب من الملاحقات القضائية والفضائح السياسية التي تنتظره.
بعد أكثر من عام ونصف على حرب الإبادة الجماعية، وشبح التهجير والتجويع والوجع اليومي الذي لا ينتهي، توجب على قيادة المقاوmة أن تعيد تقييم مواقفها وتوجهاتها، بحيث تُحافظ على مصالح شعبنا وتضع حدًا لمعاناته المستمرة، وأن تقدم تضحيات كبرى قد توازي _ إن لم تكن تتفوق _ على ما قدمته وقدمه شعبنا من تضحيات جسام طوال هذه المقتلة، بالإعلان عن تسليم ما تبقى من (أسلحة هجومية) للأشقاء في مصر أو للجنة الإسناد المجتمعي المزمع تشكيلها أو لأي طرف دولي، ومغادرة المشهد السياسي كليًا، مقابل وقف الحرب والإنسحاب وحقن دماء الأبرياء وإنهاء مذبحة العصر.