
الزيتونة يكشف: انقسام "آسيان" بين دعم فلسطين والمصالح الاقتصادية مع إسرائيل بعد "طوفان الأقصى"

أمد/ بيروت: أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ورقة علمية مهمة بعنوان: "رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وطوفان الأقصى"، أعدّها الخبير في الدراسات المستقبلية الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي. وتستعرض الورقة بالتفصيل موقف دول رابطة "آسيان" من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، خاصة في ضوء "طوفان الأقصى"، محللة الأبعاد السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والديموغرافية لهذا الموقف المعقد.
تُظهر الدراسة أن دول آسيان ليست كتلة واحدة؛ إذ قسّم الباحث مواقفها الرسمية من "طوفان الأقصى" إلى ثلاث مجموعات رئيسية:
المجموعة المؤيدة لإسرائيل: وهي الدول التي تعترف بدولة الاحتلال وتدعم "حقها في الدفاع عن النفس".
المجموعة المناصرة لفلسطين: وتشمل الدول غير المعترفة بإسرائيل، والتي تنتقد بشدة عدوانها على قطاع غزة.
المجموعة البراجماتية: وهي الدول التي تحاول الموازنة بين مصالحها وعلاقاتها السياسية والاقتصادية مع إسرائيل.
وتُلقي الورقة الضوء على تنامي العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين بعض دول آسيان وإسرائيل، حتى تلك التي كانت تدعم فلسطين تاريخيًا. وكمثال بارز، تشير إلى تطور العلاقات التجارية والتكنولوجية القوية بين فيتنام وإسرائيل، وتوقيع اتفاقية التجارة الحرة بينهما في 2023، كدليل على النزوع البراجماتي المتزايد.
ومع ذلك، تبيّن الورقة أن أغلب دول آسيان صوّتت لصالح قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تدعو لوقف إطلاق النار وإنهاء العدوان في غزة، مشيرة إلى تحوّل تدريجي في مواقفها من التردد أو الامتناع إلى التأييد للحقوق الفلسطينية في القرارات الأخيرة.
على الصعيد الشعبي، أظهرت استطلاعات الرأي أن نسبة كبيرة من الرأي العام في آسيان (41.8%) ترى أن رد إسرائيل على هجوم أكتوبر 2023 كان مبالغًا فيه، وترتفع هذه النسبة بشكل ملحوظ في الدول ذات الأغلبية المسلمة مثل بروناي (79.2%) وإندونيسيا (77.7%).
تخلص الورقة إلى أن هناك ميلاً متزايداً لدى دول آسيان نحو تأييد الحقوق الفلسطينية، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية ووعي الرأي العام. وتدعو الدراسة الجانب الفلسطيني والعربي إلى إعادة بناء استراتيجياتهم تجاه آسيا للاستفادة من هذا التأييد الشعبي المتنامي، ولملء الفراغ الذي تحاول إسرائيل استغلاله لتعزيز نفوذها في المنطقة من خلال الإغراءات الاقتصادية والتكنولوجية.
كما أوصت بضرورة تفعيل الدبلوماسية العربية والفلسطينية في الإقليم، لا سيما بالتركيز على الروابط الدينية والثقافية في الدول ذات الأغلبية المسلمة (حيث يشكل المسلمون حوالي 42% من سكان آسيان)، وتوظيف الإمكانات الاقتصادية للعالم العربي، مثل تحويلات العمالة الآسيوية في دول الخليج، لقطع الطريق على محاولات إسرائيل لتطبيع علاقاتها مع دول جنوب شرق آسيا.