مرآةٌ تكسّرتْ في الهواء

تابعنا على:   18:19 2025-10-08

محمد علوش

أمد/ الواقعُ

ليس صلباً كما ظنَّ الرُّعاة،

هو مائعٌ، يتسرّبُ من بين أصابعِ الفِكرة

كقطرةِ ضوءٍ مرتابة،

ويضحكُ في وجهِ المعنى،

كمن يعرفُ سرَّه ولا يبوح.

الحقيقةُ؟

صفقةٌ أبرمتْ بين الصمتِ والضوء،

بين الوهمِ وضرورةِ الإدراك

لا أحدَ يربحُ في المزاد،

إلا الغيابُ،

ذلك التاجرُ الماهرُ ببيعِ الفراغ.

رأيتُ طفلاً

يرسمُ وجهه بالطباشير على الرصيف،

ثم تمرُّ عليه شاحنةُ نفاياتٍ كأنها قدر

فتتبعثر الملامحُ

كأنها حلمٌ أطفئ قبل اكتماله،

ويولدُ سؤالٌ

له هيئةُ صرخةٍ مكتومة.

في زاويةِ الأخبار،

امرأةٌ تلدُ وحدها تحت القصف،

تشدُّ على صرختها كما تشدُّ على الحياة،

والعالمُ يتابعُ إعلاناً لمعجون الأسنان،

بابتسامةٍ فائقةِ الجودة،

كأن البياضَ يُطهّرُ الدم.

الوقتُ ليس خطًّا،

بل خُدعةٌ بصريّة،

ساعةٌ معلّقةٌ في الفراغ،

تُشيرُ دوماً إلى الآن،

ولا تصل.

أيمكن أن يكون الواقعُ

حلمَ آلة؟

هل نحنُ تروسٌ صغيرةٌ

في عقلٍ لا نعرفه،

يختبرُ وعينا كما يختبرُ الضوءُ المرايا المكسورة؟

صوتي مبحوحٌ من كثرةِ التسمية،

أسمي الرمادَ وطناً،

وأسمي الموتَ عاديّاً،

وأسمي وجهي -

ولا أعرفُ لمن يكون.

أمسكُ القلمَ

كمن يُمسكُ بزورقٍ في العاصفة،

وأكتبُ:

أنا حيّ،

لكن لا أعرفُ

في أيّ سياقٍ

تحدثُ هذه الحياة.

اخر الأخبار