ونجونا من موتٍ آخر
تاريخ النشر : 2022-05-13 14:27

في ذكرى الحرب الاخيرة على غزة تتجدد آلامنا بوداع جديد، تغادرنا مرةً أخرى روحٌ أحببناها وتحدثت باسم فلسطينيتنا .. شيرين أبو عاقلة! 
كأن الوداع والبكاء هو كُل ما كتب علينا، مآسٍ متعاقبة ترفض أن نتعافى، فينا من الجرح ما لا يطيب وما لا يصطبر عليه إلا الفلسطيني!

مازلنا نعيش الصدمات التي خلفها الاحتلال فينا، لم نتجاوز صوت الانفجار وصراخ الأطفال، نتذكر جميع المرات التي أجزمنا أنها لحظاتنا الاخيرة، كم كان الموتُ قريباً منا ومن أحبائنا ... وكم كانت الصواريخ قريبةً من بيوتنا وذكرياتنا.

كم هول فكرة الفقد لمن نحب تخيفنا، يا الله  كيف نحتمل؟ كيف نستمر بالعطاء؟ يا لقدرتنا على التشبث بالحياة رغم انعدامها في وطننا.
 نستمر بالبناء، نبني أحلاماً وبيوتاً، ننجب أطفالاً، ونعمر شوارعاً، نجدد الذكريات فوق الركام، ونعانق الوطن بأرواحنا نخاف أن يتركنا أو أن نجبر على تركهِ يوماً.

نحن للمرة الرابعة من الناجيين، ناجون من موتٍ في سجن احتلالٍ يجردنا من انسانيتنا كل يوم، يصنع ثقباً جديداً في قلب كل فلسطيني ... يومياً، نحن الناجون للمرة الرابعة رغم الدمار ورغم توديع الأبناء والأحباب، الجيران والأصدقاء، رغم إبادة ذكرياتنا وحجارات بلادنا!

للمرة الرابعة ككل حالنا منذ اربع وسبعون عاماً نكفن أطفالنا، نشيع شهداؤنا، نودع عائلات بأكملها، نلملم حجارة بيوتنا، ننقذ ما تبقى من ألعابنا، نروي أرضنا بدمعنا ودمائنا، وتدوي في مسامعنا أصوات صراخ امهاتنا تحت الركام ولهاث دعواتنا ألا يغادرننا! 

نحن المبتلون بحب هذه البلاد، الشاهدون على أوجاعها ودماء أبنائها، نحن العائدون إلى بحرها وهوائها ورمالها حباً ورضاً وشوقاً .. نحن الفلسطينيون التائهون عن كل ما في العالم، المهتدون فقط إلى رائحة البلاد.

في فلسطين تولد طفلاً بحلمٌ واحد .. تعيش لتورثه أبنائك .. في فلسطين أنت لا تهرب من صوت الاحتلال، ولا تخاف الاجتياح، لا تتردد من السلاح، تهاجم بحجرٍ اولاً ثم تكتب في سماءك عالياً أنا هنا ما حييت، باقٍ ما بقي الزيتون والزعتر. مصرحاً أنك صاحب الأرض وحدك! 
انا صاحبة الأرض..والبحر والفضاء والحلم والأغنيات