خطوة فلسطينية هامة انطلاقتها من رام الله وليس نيويورك!
تاريخ النشر : 2022-08-04 09:47

كتب حسن عصفور/ أعلن السفير الفلسطيني "النشط" رياض منصور، انه نقل رسالة من الرئيس محمود عباس الى أمين عام الأمم المتحدة غوتيريش، بشأن العضوية الكاملة لدولة فلسطين، تنفيذا لقرارات الشرعية الدولية، و "حل الدولتين" كما يحلو الاستخدام لتعبير هلامي.

مبدئيا، يمثل الطلب "الشفهي" خطوة سياسية متقدمة، هي المرة الأولى اتي يتم الحديث بها مع الأمين العام منذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الاعتراف بفلسطين دولة عضو مراقب 194، سبتمبر 2012.

قرار مثل نقلة تاريخية في سياق تكريس الكيانية الفلسطينية ضمن الحل السياسي الممكن، في الضفة والقدس وقطاع غزة، كان الاعتقاد أن تسارع قيادة منظمة التحرير الانتقال التدريجي من مرحلة "سلطة مقيدة" بعد حرب تدميرية عدوانية لمدة 4 سنوات، الى مرحلة فك الارتباط بتكريس دولة فلسطين، والانتقال من حالة "المهادنة المخجلة" الى "المقاومة الناعمة".

وكانت حركة الاعتراف بدولة فلسطين، وفقا لقرار 19/ 67 الأممي قطارا سريعا جدا، فاق الرقم تقديرات قيادة دولة الفصل العنصري، وذهبت دول أوربية بين التعامل معه كدولة دون إعلان رسمي مباشر، فبدأت قوة دفع كبيرة للانطلاق نحو عبور الارتباط بالتحرر المباشر وفرض حالة سياسية جديدة.

وبلا مبررات "وطنية" أوقف الرئيس عباس حركة التنفيذ، لمنع "المواجهة" مع دولة الاحتلال، رغم انها ذهبت بعيدا في حصار المشروع الفلسطيني ليس بالبيانات اللغوية، ولكن عبر مشاريع التهويد وضم استيطاني، وتطهير عرقي، وإدارة الظهر السياسي كليا لوجود السلطة الفلسطينية وقياداتها، خاصة بعدما تكرس الانقسام نحو بعد انفصالي يتم تمويله رسميا عبر حكومة دولة الكيان، في سابقة "فريدة تاريخية"، وكأن الحركة الصهيونية تشتري حالة لخدمتها سياسيا، بعيدا عن "نقاب الشعار الحاكم في قطاع غزة".

منذ قبول فلسطين دولة عضو مراقب، لم تتخذ الرسمية الفلسطينية خطوات عملية يمكنها أن تمثل قواعد انطلاق لدولة فلسطين، سوى بعض مظاهر شكلية، حول المنصب الرئاسي دون غيره، وكان الأمر ينفصل بين "منصب رئيس دولة"، ومؤسساتها الأخرى.

رسالة الرئيس عباس الى الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش، تمثل خطوة يجب ألا تنتهي بانتهاء لقاء نقل الرسالة فتصبح خبرا إعلاميا، ثم تعود "ريما الى عادتها السياسية القديمة"، تلويح ما بخطوة ما تستدرج تعاطفا ما، تنتهي بوعد ما الى محطة انتظار جديدة بتهديد ما.

رسالة الرئيس عباس حول عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، تأتي بعدما أعلنت دولة الكيان العنصري رسميا أن لا وجود لأي علاقة سياسية مع الرئاسة وأدواتها، ما يكرس عمليا سحب كل أشكال الاعتراف بها، كما سبق وأن سحبت الاعتراف بمنظمة التحرير وألغت عمليا اتفاق "إعلان المبادئ – أوسلو"، دون ان يكون هناك أي خطوة فعل رسمية فلسطينية نحو كل خطوات فك العلاقة السياسية والإبقاء عليها ببعد استخدامي (أمني واقتصادي).

ودون البحث فيما كان من عناصر تأخير وهروب من تنفيذ قرارات الشرعية الفلسطينية المفترض أنها "مقدسة سياسيا"، فالتفكير الجديد عله يحرك مياه ساكنة تلوثت الى حد فقدان أمل بتطهيرها، وكي لا تبدو "خطوة انفعالية" ورد فعل آني ضد تجاهل الرئيس عباس سياسيا، مع حملة إسرائيلية كاملة للنيل من السلطة وكيانها، وفتح معركة إعلامية بأنها تفقد السيطرة على الوضع الداخلي لصالح "مجموعات مسلحة" خاصة في جنين ونابلس وتبشر برام الله، رسائل أمنية تشير لتهديد إسرائيلي لما سيكون لو أن الرئيس عباس ذهب أبعد مما يراد.

وكي تذهب رسالة طلب العضوية الى نهايتها كاملا، المفترض ان تنطلق الخطوة الأولى من مقر الرئيس، عبر قرارات محددة ومنها:

* تغيير فوري لمسمى السلطة لتصبح دولة، في كل ما يتعلق بالمؤسسات والوثائق، ويكون ذلك بمرسوم صريح.

* تصبح الحكومة القائمة حكومة تسيير أعمال لدولة فلسطين الى حين تشكيل حكومة جديدة، تعبر عن التطور السياسي الجديد.

* دعوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير للبقاء في حالة انعقاد دائم، بصفتها القيادة العامة للشعب الفلسطيني، تبدأ في صياغة مضمون "الحكومة المقبلة للدولة" و"دستورها" وما يتعلق بكل خطوات مواجهة ممكنة.

* تشكيل خلية عمل من "التنفيذية" للتواصل مع الأطراف غير الممثلة فيها، لتنسيق الخطوات معها بما يضمن قطع طريق التمرد الداخلي، واستغلال دولة العدو للحالة الانقسامية عبر اشكال مختلفة، متعددة.

* اعتبار المجلس المركزي هو "برلمان الدولة المؤقت" الى حين اجراء انتخابات عامة برلمانية ورئاسية لفلسطين الدولة وليس بقايا السلطة.

خطوات أولية تفتح الباب لاحقا لإعلان فك الارتباط الشامل مع دولة الاحتلال، والذهاب للتعامل دولة مع دولة وليس محتل مع محتلين...

تفاصيل وخطوات تحتاج غرفة عمل حقيقية نحو تنفيذ الفكرة، كي لا تبقى الرسالة طلب يضاف الى ما سبق من قرارات تنتهي بانتهاء قراءة الخبر.

دون خطوات محددة من الرئيس عباس نحو تكريس إعلان الدولة، لن يعير أحدا قيمة لطلب الرسمية الفلسطينية، وسيرونه "حشرجة سياسية" تحت ضغط التجاهل والإهمال.

ملاحظة: قرار الأمم المتحدة بقبول منظمة صهيونية أمريكية ضمن فريق استشاري لها، يمثل صفعة فكرية وليس سياسية فقط للقيم الإنسانية...تخيلوا من اعتبار الصهيونية حركة عنصرية الى حركة استشارية...انه "زمن الهمالة السياسية" يا فلسطينية!

تنويه خاص: قيام أهل تل ابيب وقوات الأمن فيها باعتقال شباب إماراتيين بعد عملية إطلاق نار فقط لآنهم "عرب"، رسالة مكثفة جدا أنه كيان يعيش رعب مزمن... رغم كل البرم النووي والتقني والعسكري والمصاري والتطبيع والتمييع وغيره... الخوف لن ينتهي وهناك احتلال أبدا!