تبرير الإجرام جريمة

تابعنا على:   17:59 2025-10-08

محمد أحمد سالم

أمد/ قال: يا لتعاسة الحظوظ الغافلة، ليس أتعس من الحظ السيئ إلا الرضا به، قوة شعبك كانت كفيلة بأن تغيِّر أبعاد الكون. وليست تغيير و محاكمة ثنائية الجحيم فقط.  كيف يا أستاذنا؟! بالرفض والصلابة والإصرار، بإرادةٍ من حديد؛ للأسف كلُّ دقيقةٍ كانت تمرُّ بلا تغييرٍ، انتصارٌ للذلِّ والانقسام والتعاسة، وتترنَّح خُطًى لتقرُّبنا من فخ كارثة...كان يتوقَّعها تمامًا.

قلت له: وهل هناك من استمدّ من يأسه شجاعة، بالسخط. بالثورة، بالوقوف في وجه حلمٌ من صنع الشيطان؟ فبعد أن وثب موالسة الخراب، على شبه حُكْم. بعد تنفيذ مخطط الانقسام والخراب الصهيوني، الذي تجسَّد مقتًا أسود، اقتلع الأبواب، و أمطر التراب، و طيَّر الأمان، وأطاحَ بأحلام الحرية والكرامة والاستقلال،و أسفر عن كوارث لم تجرِ لنا في خاطرٍ من قبل، في سبيل شبه حكام فظًّا غليظًا نَهِمًا؛ هادن البعض واستثمر قوته في الاستبداد بالناس، حتى صار من كبار سادة الدجل والفساد، وكبار الأثرياء. وهزَّه طرَبُ القوة الوهمية الخُيَلاء.

وتحمَّل الناس وطأته - حكم الأمر الواقع - بلا مبالاة، ولم يَعُد أحدٌ يتحسَّر على أتحاد ملاك القضية، بعد أن تلاشت أحلامه على يد ثنائية الجحيم. ووجد الأخرى نفسه في سعير، بعد التردَّد بين الصمت والعناد. وانطوى على أساه في صمت؛ وابتهج أصحاب المنفعة والمتطفلين - وما أكثرَهم - ببهجةٍ عميقةٍ استقرَّت تحت قشرةِ الوطنية البراقة دون أن يؤدِّي ثمنها، وانحشر البعض في طَور جديد من أطوار الصعلكة الحزبية والبؤس الفصائلي، وهناك من تجرَّع كأس اليأس لآخر نقطة فيه، ومن توقَّع مزيدًا من الشرِّ لا الأمان. 

هكذا مضت السنون بخيرٍ لا يُذكر، وشرٍّ لا يحصى. تحت أحتلال مُتَوَحِّشٌ، فَظٌّ، شَرِسٌ، و شبه حُكْم ب" سُلْطَتَيْن"، كان ومازال سبب كل شرٍّ حاق بالناس، وثنائية الجحيم نفخت فيهم روح التعاسة والصمت السلبي، ودارت الشمس دورتها. تُطل حينًا من سماءٍ غائمة، وحينًا تتوارى وراء الغيوم الدامية؛ وبدا الميدان السياسي ساخرًا لدرجة الكوميدي السوداء...حافلًا بالفتن مثل جرابِ الحاوي المليء بالفئران والقطط والثعابين، أو خيمة سيرك تزدحم بألعاب المهرجين.

البعض التزم  الصمت في خضم الغضب العام، والخراب العام، وقاية من القدر...فتضاءل حتى انقلبَ ذرَّةً من سُخام متطايرةً فوق أديم طريقٍ طويلٍ ليس له نهاية...طريق الكارثة والمحرقة. ويلات الهموم والقلق، ووجهها يكتسي بقناع الألم الشاحب، لم يتكلم البعض الأخرى ولا حتى عند الضرورة القُصوى، فآوى إلى ضعفه الفطري، يتعلَّلُ بالعِلل، ويستنجد بالأوهام، ويغطِّي مرارته بالصمت. فلم يعُد أمامه إلا الإذعان ولو إلى حين.

فقال: الصمت ... الصمت، الخوف... الخوف، فالمصالح ألجمت الألسنةَ، والهروات هزَّت جذورَ القلوب، وتحمَّل الناس وطأتهم بلا مبالاة وتبرير..!! قلت: للأسف تبرير الإجرام جريمة، وكافَّة جرائمِ ثنائية الجحيم تُنسب عادةً إلى مجهولٍ بناء على تصميمِ شهودِ الزور..!! لكن الآن الجريمةُ واضحةٌ مثلَ الشمسِ ونحن شهودُها! وإن لم يقدّمون للمحاكمة العاجلة، توقَّع مزيدًا من الشرِّ لا الأمان، وسنشهدُ قريبًا قيامَ القيامة!

- لما بأرجع شريط الأفكار والكلمات بألاقي إن مقالات الأستاذ عين الصح فيما كان يُقال، بل كلمات مهمة ومفصلية للغاية، شخصيًا أكاد أجزم بهذا. ولكن مع فارق وحيد استوعب فيه الحالي درس السابق وآثر أن يُعد المسرح في المستقبل القريب لحكم الانقسام، أي شبه سُلْطَتَيْن، فقد كان مخططًا صاعد في هدوء؛ لحكم  صاخبا في الفشل.

الحقيقة أننا أحيانًا لا نرى الصورة بوضوح إلا إذا ابتعدنا قليلًا. على أي حال، كانت عواقب هذا المخطط،  أسوأ بكثير و لم يكن ليخطر على بال أحد ولا في أحلك الكوابيس. ولم ينجح حُكْم سُلْطَتَيْن إلا في الفساد، و الفشل فكان أن رجع بنا قُرون للوراء!
وللحديث بقية.

اخر الأخبار