صِراع الأجيال

تابعنا على:   18:09 2025-10-08

حسن النويهي

أمد/ ننتقل بين المصطلحات كما تنتقل الموضات، نرددها كالببغاوات دون أن نفهمها.

بين جيل الديناصورات، مواليد الخمسينات وأوائل الستينات — جيل الراديو والزيت والزعتر، والبنطلون الشارلستون، والشَّعر الطويل، والتنانير القصيرة، وحيل الحب والرومانسية، وعبد الحليم الذي “ابتدى المشوار”.

جيل الثورة والصحف — “الأخبار، الجمهورية، الرأي، الدستور” — جيل الأحزاب والشيوعية والقومية والزعامات المبهرة والأنظمة الأبوية وتقبيل الأيادي، جيل أحبّ الديكتاتورية كما أحب النظام والانضباط.

 

جيل حَفَر في الصخر، وبنى وتعلّم وعلّم، وأنشأ دولًا ومؤسسات وعائلات وأسماء من الصفر.

جيل انتقل من حياة البادية والريف والجرّاثين والرعيان، إلى حياة المدن والمكيفات والسيارات الفارهة.

جيل “الأستاذ” و”الدال” و”أصحاب السعادة”، جيل الثروة والفساد المبطّن بالقيم والأخلاق، حتى صرنا مجتمع المظاهر والقشور، مجتمع الفردانية والأنانية.

انتشر الدين، وقلّ الحياء، وتراجعت الأخلاق.

 

ثم وصلنا إلى جيل الـZ، مواليد التسعينات وبداية الألفية، جيل الإنترنت والهاتف المحمول والفيسبوك.

جيل الوحدة والتنمّر والزعرنة، جيل الديجيتال وقلة الانتماء، جيل على الحافة: إمّا متطرّف وإمّا ضائع.

تدفّق هائل للمعلومات وتركيز أقل، قراءة بلا فهم، شهادات بلا علم، وثورات بلا ثورة.

 

جيل الـZ هو جيل ما قبل الذكاء الاصطناعي الذي يأخذنا نحو الهاوية، فلا تعب ولا بحث ولا وظائف، كل شيء معلب وجاهز…

ولا إيمان ولا يقين، فكل شيء صار موضع شك.

 

جيل يتظاهر اليوم نصرةً لفلسطين، وينقلب غدًا في تغريدة واحدة؛ سرعة كانت تحتاج في السابق إلى سنين لتتبدّل.

جيل سريع الاشتعال وسريع الانطفاء، يعيش على الوجبات السريعة وحياة الهاتف، وربما ينسى المشي واللعب قريبًا.

 

لا يؤمن بالأحزاب، ولا بالزعماء، ولا بالمقدسات.

جيل يميل نحو “اللا” في كل شيء: لا انتماء، لا يقين، لا صبر.

 

وربما...

ربما كانت هذه القراءة غير موضوعية، بل منحازة، وربما ظالمة لجيل الـZ —

لكن اعذروني... فهي ببساطة قراءة من ديناصورٍ متخلّفٍ قديم، لا يزال يظن أن القهوة تُغلى على نار هادئة، لا تُحضَّر بزرٍّ في تطبيق. ☕🦖

 

اخر الأخبار