
قالوا... شاعرٌ؟!

د. عبد الرحيم جاموس
أمد/ قالوا... شاعرٌ؟!
قلتُ: نعم...
لكنَّ الشعرَ عندي ...
ليسَ زينةَ حروفٍ،
ولا لُعبةَ أوزانٍ ...
في زمنِ الجوعِ والدمار...
***
أنا شاعرُ الجُرحِ...
حينَ ينزفُ الوطن،
وشاعرُ الصوتِ المبحوحِ
في حنجرةِ المقهورين،
وشاعرُ الأرضِ ...
التي تصرخُ من تحتِ الركامِ:
أنا هنا...
أنا باقيةٌ...
أنا القصيدةُ التي لا تموت...!
***
كيفَ لا أكونُ شاعرًا،
وطيني من طينِ هذا الوطن،
تجري في عروقي ...
دماءُ محمّدٍ وعليٍّ وعمر،
ودمُ المسيحِ عيسى ابنِ مريم ...
يُطهِّرُ ترابَها من رمادِ الحصار،
وأبو عبيدةَ ما زالَ يحرسُ الغورَ والنهرَ،
ويزرعُ في ضفّتيهما الدعاءَ والرجاء...
***
كيفَ لا أكونُ شاعرًا،
وأنا أقفُ على جبلِ المكبّر،
أسمعُ تكبيراتِ عمرٍ ...
تتردَّدُ في الصخرِ والريح،
وصهيلَ الخيلِ ما زالَ يدوي ...
من اليرموكِ إلى حطّينَ...
ومن حطّينَ إلى عينِ جالوت...
وصوتُ الشهيدِ يرتفعُ ...
فوقَ كلِّ أصواتِ النحيبِ والخذلان:
شهيدًا... شهيدًا... شهيدًا...
حتى صارَ الموتُ في بلادي حياة،
وصارَ الشعرُ فيها صلاةً،
وشهادةً أخرى ...
تُكتَبُ بالدمِ لا بالحبر ...
***
فلا تسألني: أأنتَ شاعرٌ؟
فكلُّ طفلٍ في بلادي شاعر،
وكلُّ أمٍّ تحملُ في عينيها ...
مرثيّةَ وطن،
وكلُّ شيخٍ يُخبّئُ في صمته ...
قصيدةً من صبر،
وكلُّ قلبٍ هنا ...
ينبضُ بينَ شاهدٍ وشهيدٍ وشاعرٍ...
فمن لا يكتبُ بالدمِ...
لا يُتقنُ الشعر...!