صلاةُ الحجارة ...

تابعنا على:   16:28 2025-10-14

د عبد الرحيم محمود جاموس

أمد/ في المساءِ،
حينَ يهبطُ الضوءُ على الكتفِ الأخيرةِ للغيم،
تستيقظُ الحجارةُ،
تتوضّأُ بنداءِ الأرض،
وترفعُ وجوهَها نحوَ سماءٍ ...
تغسلُها دموعُ الأنبياءِ...
***
صخرةٌ فوقَ صخرة،
كأنّها نبضُ قرونٍ متراكمة،
تتساندُ كي لا تقعَ ذاكرةُ المكان،
كي لا تسقطَ الجبالُ في النسيان،
كي تبقى اليدُ الفلسطينيّةُ ...
شاهدةً على اتّزانِ الوجع،
وعلى عدالةِ الوقوفِ ...
ولو فوقَ حافّةِ الريح...
***
هنا،
تعلو الحجارةُ كما تعلو الأرواح،
وتنطقُ بلا صوت،
تقولُ:
أنا الشاهدُ والمشهود،
أنا المدى المتين،
أنا الجرحُ الذي لا يلين،
أنا ملامحُ الذينَ رحلوا ...
وما زالوا في جذورِ الزيتونِ يقيمون...
***
يا أرضَ الصبرِ والعنادِ والجهاد،
كم صبرتِ على انحناءِ السماء،
وكم علّمتِ الغيمَ أن يكونَ حرًّا...!
كلُّ حجرٍ فيكِ نبوّة،
وكلُّ شقٍّ فيكِ نَفَسٌ من روحِ وطنٍ ...
يكتبُ اسمَه على الشظايا ...
ويحيا...!
***
وفي النهاية،
حينَ تشرقُ الشمسُ من فمِ الحجارة،
سينهضُ الصدى من جوفِ الصمت،
وسيعرفُ العالَمُ ...
أنَّ هذا التوازنَ ليسَ صدفة،
بل وصيّةُ صمودٍ قديم،
وحلمُ شعبٍ ...
يرصفُ الحريّةَ ...
كما يرصفُ حجارتَه،
لتعلو...
وتعلو...
ولا تسقط ...

اخر الأخبار